خمس سنوات مضت على تلك الطفلة وهي تبكي , قطعت القلب ,
وزرعت على أبواب خديها شيئا من النار التي تحرق كل من يحاول أن يواسيها ,
صراخ وعويل دام طوال ليلها ونهارها , ينام الناس ولها عين لا تنام ,
ويفرحون في أعيادهم وليس عندها ما تلبس , أية طفلة هذه وأية حياة ستعيشها
بعد أن فقدت من رعاها , أصبحت عزيزة وأمست يتيمة لا يدللها أحد ,,,
انظروا هنا !! بيدي آخر ما تبقى من صورها , أنظروا إلى روعتها , صدقوني
عندما أقول بأنها حسناء , اعذروني عندما أقول أنني أعشقها , لملموا شعرها ,
فإنني أغار عليها من عيونهم , هاتوا بعض ما عليكم من ملابس , أعطوها
لحبيبتي , فهي منذ خمس سنوات تشعر بالبرد , تشعر بالظلم , تشعر بالخوف ,
فإلى متى !! . لا تنظروا إلي هكذا , ما بالكم تستغربون , ألا ترونها , ألا
ترون دمعا يبلل خدها , ألا ترون قميصها الممزق , وشعرها المنثور , ألا
تغارون عليها كما أفعل , ما بالكم !! ألا تخجلون من أنفسكم , ألا تشعرون !!
سعاد ,آسف ,, صدقت يا حبيبتي , مات كل من كان يرعاكِ, وأنت الآن يتيمة
,يتيمة ,يتيمة .
أصيح في جنون , والكل يسمعني ولكن لا مجيب , حبيبتي , حبيبتي غدت رهينة
السجون , وأنتم تلعبون , أخذوها , أخذوا الحسناء الجميلة , أنا واثق بأنها
تبكي الآن بين أيديهم , أنا واثق بأنهم لن يرحموها , سيعذبونها , سيمثلون
في جسدها , سيحرقون خديها , ويقصقصون شعرها الجميل ,ويقطعون بوحشية أظافرها
, فهي ضعيفة , وأنتم تنظرون , وتسمعون , وتسمعون , وليس من بين الرجال من
قام وقال : لبيك يا سعاد , حتى بكت سعاد , وتشردت سعاد , وتدمرت سعاد .
سعاد !! حبيبتي , فلتعذريني , قد ذبت خجلا , ألا تذكرين ما قلت لك ذات يوم
, نعم أظنك تذكرين , قلت لك لا تقلقي , سنعيش معا للأبد ,سنعيش , رغما عن
أنوف الناس, رغما عن إرادات البشر ,سنعيش, قلت لك بأنهم لن يقدروا أن
يأخذوك من بين يداي , وكتبت لك من الشعر الكثير , وقلت لك من الغزل الكثير
, وأنت يا سعاد , بريئة كما الأطفال , تتبسمين , وتصدقين بأنني ذلك الفارس
الهمام , وتمسكين في يدي , بل تتمسكين , بكل ما أوتيتي من قوة , بكل ما
أوتيتي من حنان وحنين , تتمسكين, تتبسمين , وأنت من الداخل تتألمين , أنا
واثق بأنك تتألمين , وكأنك علمت بأنهم قادمون , بأنهم سيأخذوك إلى حيث
أرادوا , وكأنك تعلمين بأن من حولي لن ينفعوك , كأنك كنت تعلمين بانهم
جبناء وأنهم بكل أسف سيخذلوك !!
سعاد , ما بالهم يلعبون؟ , بكل ما كان عندك من دمى الأطفال يلعبون ,
ويضحكون , ويمزحون , وأنت وحيدة هناك , في عتمة السجون , تتألمين , وترسمين
بكل ما أوتيت من براءة , حديقة خضراء , وزهرة حمراء , ولحظة الرجوع, ولكن
ليس بالقلم ,ليس بالقلم , وإنما بآخر ما تبقى لديك من دموع . فيخجل
الرجوع , وتذبل الدموع , وتنطفئ الشموع , وتبقين يا سعاد أسيرة السجون ,
كسيرة الفؤاد , وهم إليك بكل قسوة , بكل قسوة , بكل قسوة ينظرون , ويلعبون ,
ويلعبون , فليخسأ المجانين و ليخسأ الجنون .
سعاد , سأنتظر , بكل معنى الصبر سأنتظر , فإذا خرجت من سجنك عزيزة , سأخبر
الجميع , بأنك رجعت , وأخبر الجميع , بأنك ستثأرين, لكل دمعة , لكل قطرة دم
لكل عصفور حزين ,سأخبرهم لحظتها بأنك حبيبتي , بأنك حبيبتي , بأنك بغداد
,,,,